شباب في الهوامش: تمثلّت المخاطر والسياسة والدين في تطاوين الشمالية والقصرين الشمالية ودوار هيشر : شباب في الهوامش

أضحى الشباب مشغلا هاما من مشاغل الدراسات الاجتماعية في تونس خاصة منذ الثورة باعتباره مثل العنصر الأساسي في الحراك الاجتماعي الذي أدى إلى سقوط بن علي.

أضحى الشباب مشغلا هاما من مشاغل الدراسات الاجتماعية في تونس خاصة منذ الثورة باعتباره مثل العنصر الأساسي في الحراك الاجتماعي الذي أدى إلى سقوط بن علي.

فبالإضافة إلى ثقل وزنه الديمغرافي، تعتبر مشاغل الشباب والبطالة التي تحكم فئات واسعة منه هاجسا تتزايد حدته وآثاره في ظل غياب حلول سياسية واقتصادية ناجعة وفعالة تخفف من وطأة وآثار ما يعيشه.

لذا أولت منظمة إنترناشيونال ألرت منذ بداية عملها في تونس أهمية مركزية لشباب الأحياء الشعبية والمناطق الداخلية وخصّ صت له عديد الدراسات الكمي والنوعية نذكر منها:
– دراسة أولى من نوعها كميا ونوعيا حول الشباب في التضامن ودوار هيشر؛
– دراسة حول الانقطاع المدرسي وتمثّلات النجاح والإخفاق لدى الشباب في فريانة وغار الدماء؛
– دراسة حول الشباب واقتصاد الحد في القصرين: قصص حول الاستلاب وديناميات الإقصاء؛
– التهميش والعنف والوصول إلى العدالة في ولاية جندوبة لدى النساء.

ولقد اعتمدت هذه الدراسات على فرضيتين أساسيتين، أولهما أنّ إنتاج معرفة سوسيولوجية حول المناطق الداخلية والأحياء الشعبية من خلال تناول أهم مكوناتها الديموغرافية، أي الشباب، هو مدخل أساسي لتفكيك سيرورات التهميش والإقصاء وإعادة إنتاج التبعية الاقتصادية في هذه المجالات الحضرية وشبه الحضرية. وثانيهما أنّ مثل هذه المعرفة هي أداة ضرورية لرسم سياسات عمومية قادرة على مسايرة انتظارات هذه الفئة بشكل يضمن إدماجها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

ومن ناحية أخرى استأثر موضوع السلفية في السنوات الأخيرة باهتمام عديد الباحثين والفاعلين من سياسيين أو ناشطين في المجتمع المدني، كما عرفت الدراسات المتعلقة به طفرة سببها صعود هذا التيار، وبروزه العلني في الفضاء العام وأيضا تحول شباب إلى سوريا وتشكل الاعتقاد بأنّ تونس هي من أهم مصدري المقاتلين إلى هذا البلد. إلا أنّ أغلب هذه الدراسات غابت عنها الصرامة المنهجية والميدانية (بروتكولات غير واضحة للعمل الميداني أو غيابه بالكامل) للظاهرة على “discursif” والتركيز المفرط على البعد “الثقافي” أو الاستطرادي حساب أو مقابل إهمال كامل للمقاربة لاجتماعية والأنثروبولوجية.

لذلك حرصنا على أنّ تتبنى هذه الدراسة مقاربة تكون على مسافة من موضوع السلفية وتتّ بع مدخلا إشكاليا أشمل يبحث في ظروف عيش الشباب وتصوّراتهم السياسية والدينية وتعتمد على فرضية أنّ خيارات الشباب السياسية، سواء كانت من خلال المشاركة أو الالتزام، أو عدمه، تحيل إلى مسارات عيشه ونشأته الاجتماعية وتمثّلاته لنجاعة الموارد السياسية المؤسساتية المتاحة له. كما أنّ قناعاته الدينية وممارستها في الفضاءين العام والخاص تخضع لاعتبارات عديدة من بينها الخصائص الاجتماعية للشباب والتي تؤثر بدورها في رؤاه السياسية.

يمثل المنوال السالف الذكر منطلقا تسعى هذه الدراسة لاختباره ومن ثمة فتح آفاق بحثية جديدة بخصوص الشباب في المناطق والأحياء المهمشة من منظور علائقي تتفاعل فيه مختلف الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والدينية والسياسية في محاولة لتفكيك واقع متكامل ومعقد.