الفقر، واليأس، والرغبة في الانتقام هي الأسباب التي دفعت الشباب السوري للانضمام إلى الجماعات المتطرفة

لندن، 4 مايو 2016: الحاجة لكسب مصدر العيش الأساسي، واستعادة الإحساس بالرغبة في حياة ذات معنى والإحساس بالكرامة، والإيمان بالواجب الأخلاقي فيما يتعلق بحماية الوطن، والثأر له، والدفاع عنه هي العوامل الرئيسة التي تدفع الشباب السوري للانضمام إلى الجماعات المتطرفة – وفقا لدراسة جديدة أجرتها منظمة أهلية لبناء السلام وهي منظمة انترناشونال أليرت.

Cover of research study: why young Syrians choose to fight

وذكرت دراسة بعنوان لماذا يندفع الشباب السوري لاختيار القتال: أن أسباب التعرض للتجنيد من قبل الجماعات المتطرفة العنيفة، اعتمدت على إجراء مقابلات مع 311 شابًا من الشباب السوري، وعائلاتهم بالإضافة إلى أفراد آخرين من المجتمع في سوريا، ولبنان، وتركيا لمحاولة فهم الدافع لقابلية التجنيد وسرعة الاستجابة من قبل جماعات داعش وجبهة النصرة، (التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا).

وتبين أن المراهقين والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و24 عامًا هم الأكثر عرضة للخطر، بالإضافة إلى الأطفال والمراهقين خارج دائرة العمل والدراسة، والمشردين داخليًا واللاجئين بدون هياكل وشبكات أسرية داعمة.

وتشير النتائج إلى أن التطرف ليس تفسيرًا للانضمام الى مجموعة متطرفة عنيفة في حد ذاته. وبالنسبة لكثير من الشباب السوري، فالإيمان بالأيديولوجيات المتطرفة على الأغلب ما هو إلا دافع ثانوي في المبادرة باتخاذ قرار الانضمام إلى إحدى الجماعات المتطرفة.

إلا أن السبب الأساسي وراء قابلية التجنيد هو نتيجة للتعرض لصدمة شديدة، والشعور بالضياع والتشرد، والافتقار إلى وسائل بديلة للحصول على معيشة كريمة، بالإضافة إلى انهيار الهياكل والمؤسسات الاجتماعية؛ بما في ذلك التعليم، والرغبة في الانتقام من نظام الرئيس بشار الأسد. ووفقًا للمشاركين في الدراسة، تعطي الجماعات المسلحة لأفرادها أيضًا شعورًا قويًا بوجود حياة ذات معنى، بالإضافة إلى الشعور بالكرامة وتقدير الذات.

وكما قال أحد الشباب السوري في لبنان:

“يُمكن أن يعثر الناس على معنى جديد لحياتهم في التطرف. فالتطرف يفتح الباب على مصراعيه لحياة جديدة يجد فيها الشباب أنفسهم مرغوبين.”

ويبين التقرير أيضا أن انهيار النظام التعليمي في سوريا، مع وجود نحو مليوني طفل خارج المدرسة، قد ساهم إلى حدٍ كبير في دفع الشباب إلى الانضمام إلى الجماعات المتطرفة العنيفة، حيث إن هذا الأمر سد هذه الفجوة من خلال توفير أشكال خاصة من التعليم يقدمونها. وتتسم هذه “المدارس” بالتمييز العنصري، حيث تُستغل هناك الانقسامات الطائفية مع دعم القصص المشجعة على الانقسام.

كما أن تقديم تعليم متكامل، وشامل وذي جودة؛ والذي يتضمن أيضًا المعالجة من الصدمة والدعم النفسي والاجتماعي – مثل ذلك الذي تقوم به منظمة الإشعار الدولية مشروع التربية من أجل السلام في سوريا والمنطقة على نطاق أوسع – كان واحدًا من العوامل الرئيسة الأربعة التي حددها التقرير لاستغلالها في بناء القدرة على مقاومة التجنيد. وقال أحد معلمي السلام في لبنان:

“في سوريا، والأطفال الذين لا يشاركون في [الدعم النفسي والاجتماعي] مثل هذا هم عرضة لخطر التجنيد الذين يمكن تجنيدهم مباشرة من قبل داعش أو النصرة … نحن نعطيهم أدوات للتعبير عن أنفسهم في المجتمع، بدلا من استخدام السلاح للتعبير عن غضبهم من الخسائر التي تعرضوا لها”.

حيث إن هناك سُبلاً أساسية تحول دون اشتراك الشباب السوري في هذه الجماعات المسلحة ألا وهي: توفير سبل بديلة للعيش، والوصول بشكلٍ أفضل للمؤسسات والمجموعات الإيجابية، واتباع طرق ممارسة أنشطة اللاعنف. وفي هذا الصدد، وضع أحد ميسري خدمة فصول “التعليم من أجل السلام” السوريين شعارًا يقول فيه:

“بدون أداء هذه المهمة، لكنتُ على خط مواجهة الموت.”

وشدد التقرير على الحاجة إلى تضمين جهود التضامن الاجتماعي هذه كجزء من مشروعات المساعدة الإنسانية، وضمن أهداف السياسة الإقليمية والشؤون الدبلوماسية المتعلقة بها بهدف تقليل التمييز الذي يمارس بحق اللاجئين، والذي قد يساهم بدوره في تجنيدهم ضمن الجماعات المسلحة.

وفي هذا الصدد، ذكرت ريبيكا كروزير – مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منظمة الإشعار الدولية:

“الجماعات المسلحة تقوم بتجنيد الأطفال والشباب في سوريا والدول المجاورة بمعدل يُنذر بالخطر، ولكن أُجري بحث أقل شمولاً بين الأطفال والشباب السوري أنفسهم لفهم السبب من وراء نجاح مثل هذه الجماعات المسلحة وعما يجب فعله حيالها. ونحن نأمل أن تساعدنا هذه الدراسة في بناء القدرات التي تقاوم عملية التجنيد في هذه الجماعات بطريقةٍ أكثر فعالية.”

وأجريت الدراسة بعد خمس سنوات من الصراع في سوريا، والذي أودى بحياة ما يقدر بنحو 300000 شخص وتشريد 6.5 مليون شخص داخليًا، ودفع 4.8 مليون شخص على الفرار إلى الدول المجاورة.

-انتهى-

حول منظمة انترناشونال أليرت: تأسست منظمة انترناشونال أليرت منذ 30 عامًا، وهي واحدة من المنظمات الرائدة في مجال بناء السلام على مستوى العالم. نعمل في سوريا على تحسين المعرفة المتعلقة ببناء السلام، والاستفادة من منظمات المجتمع المدني في هذا الصدد. حيث نعمل مع أفراد من المجتمع السوري من الشتات، والفنانين، والشباب سعيًا إلى بناء الثقة، ووضع طرق مشتركة لفهم الصراع، فضلاً عن بناء الاستراتيجيات التي تدعم السلام والمصالحة

يمكنك معرفة المزيد من خلال